هل نحن مختطفون!!!!! بقلم معتز أبوكلام

هل نحن مختطفون!!!!! بقلم معتز أبوكلام يراودني في كثير من الأحيان بأن هذا الكائن العجيب، الذي خلقه الله في أحسن تقويم هو مستهدف أو ربما مختطف من شركات وجهات وتيارات مختلفة ومن نواحي عدة، فمن الناحية التجارية مثلا، الإنسان هدف كل سلعة ترويجية، مئات الملايين من الدولارات تضخ على الإعلانات كل عام لإستقطاب الشعوب وجرها جراً لإقتناء سلع لا حصر لها. وأدوات الإستقطاب تتفاوت من شركة لأخرى فهناك سلع نقتنيها بالجذب والترغيب، كمستحضرات التجميل والعطور والسيارات الحديثة والملابس الأنيقة والمأكولات الفاخرة وهناك سلع تدق معها ناقوس الخطر فتجعل المستهلك يهرع للحصول عليها بأي ثمن كأدوية الأمراض المستعصية واللقاحات الباهظة الثمن. ثم إذا ما رفعنا السقف أكثر نجد هناك نواقيس خطر بحجم دول تدق ليل نهار لإفزاع الشعوب ومن قبلهم الحكام، تجرهم جراً لشراء بقائهم وأمنهم بمئات المليارات من الدولارات وهاجس سباق التسلح قد يكفي لتدمير الكوكب عشرات المرات. الخطر يداهم الجميع بلا هوادة. وهناك صيادون مهرة، منهم من يفتك بجيبونا ومنهم من يفتك بأفكارنا وعقولنا ومنهم أكثر سفكا للدماء، يفتك بأرواحنا. وهناك مهرة من نوع أخر يجيدون تخدير العقول ثم إختطاف أصحابها لعوالم أخرى أبعد ما يمكن أن تكون عن الواقع والأبطال هنا هم الطغاة المستبدون والأسياد المتشددون من كل دين وطائفة، هم المروجون لكل حرب ونزاع، هم الشركاء الأكثر نجاعة لعمالقة مصانع السلاح والتدمير ولولا نهج أولئك الذي يفتك بالعقول لكسدة تلك البضاعة الفتاكة عند صانعيها. لو تأمل البعض للحظة سيجد أن جل بؤر الصراعات في العالم تتمركز في بلاد العالم الثالث وعلى رأسها العالم الإسلامي، التربة الخصبة لكل صراع ونزاع طائفي طويل الأمد، شعوب هذه المنطقة محكوم عليها أو ربما حكمت على نفسها أن تبقى مغيبة وربما مختطفة من شراذمة الساسة ورجال الدين. أمة قدر لجل أبنائها أن يكونوا إما قاتلين أو مقتولين والمنتصر الأكبر هو السلاح ومعامل السلاح وخلفه ضجيج المتشددين ينفخون الكير يأزون النار أزا فيهيجون الشعوب الغافلة ويقدمون أبنائها قرابين جاهزة تهلل وتكبر، تبتهج بالموت وتبتاع الوهم بتقديم الأرواح والمُهج الغالية رخيصة مقابل سراب بسراب. ناهيك عن الخراب والدمار الذي يفتك بالبلاد عن بكرة أبيها، فكروا مليئ، المستفيد الوحيد من كل هذا الشؤوم هم غرابيب السلاح الفتاكة عمالقة الشر في العالم التي تضخ في أرصدتها مليارات جديدة كل يوم وهي لا تهدئ ولا تكل. الكارثة أننا نعيش في زمن حكمنا فيه على أنفسنا أن نُجهل ونغيب ونختطف ونهيئ لنكون نحن الضحية. وهناك عوامل داخلية هيئت لذلك، فعندما تكون ثقافة الموت هي الحاضرة في أدمغة أي أمة من الأمم فهذا يجعل منها تربة خصبة ولقمة سائغة للنيل منها بلا هوادة. إن ثقافة الموت هي ثقافة كأي ثقافة أخرى وتجد من يروج لها ومن يستثمرها ويتربح عليها. (الباريسيون) مثلا، اشتهروا بالأزياء والعطور لذلك هناك من استثمر ذلك وجعل من باريس عاصمة للمودا والأناقة في العصر الحديث. والأمر ذاته ولكنها تجارة برائحة وألوان مختلفة، إنها تجارة الدم، نعم هناك غرابيب سود انتبهت لثقافة الموت التي تعشعش في نخاع أمة العرب والمسلمين (ففات فوتته) وهو ما يزال يرتع ويلعب مبتهجا في أوج موسمه الدموي فتراه في زيادة لا تعرف الفتور، فسلعته هي المطلب الأول في بلاد العرب أوطاني، للقاتل والمقتول معا، وللقوي قبل الضعيف ولا أحد يريد أن يهدئ ويخرج من حمام الدم هذا أبداً. والطامة الكبرى أن أسياد الفئات المتناحرة من الطغاة المستبدين وفي ركابهم الدعاة المتشددين والباغين على بعضهم البعض هم في نعيم مقيم بينما جماعاتهم المغيبة المختطفة، هائمون غارقون في دماء بعضهم البعض يتقاتلون بلا عقل وبلا رحمة، والطامة الكبرى، أنهم جميعا يعتقدون بأن الله راض عنهم وممنون لهم وحتما سيكافؤهم بجنة عرضها السماوات والأرض يجهزها لهم حيث لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر!!! إن أرادت هذه الأمة أن يبقى ذكرها بين الأمم لآجال قادمة وأن لا تندثر وتطوى صفحتها، فعليها أن تفيق من سباتها الطويل وتخرج من سراديب الجهل والتخلف، عليها أن تنفض عن كاهلها غبار قرون من الظلام الحالك وتفتح عينيها وعقلها للنور وتنهل المعرفة والعلم وتلفظ بلا رجعة ثقافة الموت. إن الخالق المصور لهذا الكون البديع دعانا لخلافة هذه الأرض وإعمارها وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا بثقافة واحدة، هي ثقافة الحياة وحب الحياة. أما الذين يروجون لثقافة الموت ويحببون الناس بها فإن كانوا صادقين فعلا، فعليهم أن يسارعوا إلى تذوق طعم الموت بأنفسهم قبل غيرهم وإلا فما هم إلا عبدة الطاغوة وشركاء تجار الموت والدمار وكل من يرى غير ذلك فإما أن يكون أحمق كبير أو متآمر دموي يتاجر بدماء الشعوب.. والسؤال الذي يقض المضاجع، هل هذه الأمة، أمة تعبد الله حقا أم أنها أمة مختطفة، مغيبة، أضاعت البوصلة منذ قرون، وأختلطت عليها الأمور وهي تتقرب إلى الله بشعارات زائفة ما أنزل خالق الأكوان بها من سلطان!!! بقلم معتز أبوكلام Canadiandays1@gmail.com

مواضيع ذات صلة