ألمظ والحامولي.. صراع حتى الزواج د. محمد فتحي عبد العال/ أيام كندية

ألمظ والحامولي... صراع حتى الزواج
مقدمة :
حب من طراز فريد جمع بين رمزين من رموز الطرب الأصيل إنهما ألمظ وعبده الحامولي. 
كانت ألمظ أو سكينة وهو اسمها الحقيقي فتاة فقيرة تغني بصوت ساحر بديع وهي تحمل في دلال قصعة من مونة الجير فوق رأسها  لتوصلها للبنائين.
يحمل القدر لألمظ فرصة ذهبية حينما تسمعها الست ساكنة هانم  اللقب الذي ناداها به الخديو إسماعيل وهي أكبر عالمة في مصر المحروسة منذ عصر محمد علي باشا. 
أعجبت ساكنة هانم بصوتها وضمتها لتختها لكن الغيرة طبع مستأثر في نفوس البشر فسرعان ما تدب الغيرة في نفس ساكنة هانم مع صعود نجم ألمظ و احتلالها المرتبة الأولى في قصور الأمراء والنبلاء وحتى مجلس الخديو إسماعيل ذاته. 
أفل نجم ساكنة هانم فاختارت الانزواء إلا من مجالس قراءة القرآن ومجالس الأدب حتى وفاتها. 
نأتي إلى ذكر عبده الحامولي والذي نشأ نشأة فقيرة هو الآخر وكان فراقه لأبيه هربا فاتحة خير أمامه مع عمله في مقهى المعلم شعبان بحي الأزبكية كمطرب ومع ازدحام المقهى بالزبائن تفتق ذهن المعلم شعبان إلى حيلة لضمان عدم ترك الحامولي لمقهاه بعد أن ذاعت شهرته وهي أن يزوجه ابنته والتي أصبحت هي وأبيها مصدرا للنكد والتعاسة وبداية لمرض الصداع الذي رافق الحامولي طيلة حياته فقرر الفرار للمرة الثانية. 
والتقى الحامولي بشاكر أفندي الحلبي والذي تعلم على يديه أصول الغناء والطرب والموشحات والادوار ومن مجلس شاكر أفندي إلى مجلس الخديو إسماعيل وهناك كان اللقاء الذي غير مسار عبده رأسا على عقب. 
الصعود :
انضمام الحامولي إلى حاشية الخديو إسماعيل جعله يقود ثورة موسيقية في عصره عبر مزج الألحان المصرية والتركية كما استخدم مقامات لم تكن موجودة مثل الحجاز كار والنهاوند والكرد والعجم وقد تعاون معه كبار رجال الدولة من الشعراء أمثال محمود سامي البارودي واسماعيل صبري باشا و الشيخ عبد الرحمن قراعة والذي أصبح مفتيا للديار المصرية في عهد الملك فؤاد . 
كانت المنافسة حامية في قصر الخديو بين ألمظ وعبده الحامولي  ولأن الاختلاط لم يكن من شيم هذه العهود فكانت تغني من الحرملك وهو يغني من السلاملك  وما لبثت أن تحولت المنافسة إلى حب وإعجاب متبادل فشدت ألمظ :
 
يالي تروم الوصال وتحسبه أمر ساهل
 
دا شيء صعب المنال وبعيد عن كل جاهل
 
فكان رد الحامولي بأغنية بديعة :
 
روحي وروحك حبايب
 
من قبل دا العالم.. والله
غضب الخديو:
بعد زواج الحامولي من ألمظ رفض أن تحي حفلات من جديد لدى الخديو ولكن الظاهر أن عبده نسي أو تناسي أن قرارا كهذا ليس من سلطاته وإن كان الزوج  بل قرار الخديو إسماعيل بحكم كونهما مطربا القصر. 
غضب الخديو على عبده وقرر حبسه وأمر باستدعاء ألمظ للغناء بقصره أغنيته المفضلة :
والنبي لأهشه دا العصفور وأنكش له عشه دا العصفور. 
سعي الحامولي لدي المقربين من الخديو للعفو عنه وهو ما قد تم  وعادت ألمظ للغناء. 
ماتت ألمظ في حياة عبده الحامولي فغنى في ذكراها :
شربت المر من بعد التصافي
ومر العمر وما عرفتش أصافي
عداني النوم وأفكاري توافي
عدمت الوصل، يا قلبي عليه
 
 
 
امرأة واحدة لا تكفي:
وعلى الرغم مما يبدو من أن ألمظ كانت حب الحامولي الوحيد إلا أنه تزوج ثلاثة زيجات أخرى آخرها سيدة تركية تدعى جولنا هانم.
وهذا يقودنا إلى تساؤل طريف لماذا يرفع البعض شعارا امرأة واحدة لا تكفي؟ هل لدى العلم إجابة ؟ في تجربة مثيرة بجامعة إيموري بالولايات المتحدة في 2004 وجد أن فئران البراري ترتبط بأنثى واحدة طيلة حياتها  بينما يظهر تعدد الزوجات لدى فئران الحقول .اكتشف العلماء أن فئران البراري  لديها كثافة أعلى من مستقبلات هرموني الأوكسيتوسين والفاسوبريسين في دماغها مقارنة بفئران الحقول.وهرمون الأوكسيتوسين هو المسؤول عن الشعور بالحب بينما هرمون الفاسوبريسين مسؤول عن تنظيم السلوك الاجتماعي واختيار الشريك .
 
د. محمد فتحي عبد العال

مواضيع ذات صلة