ركن القمر.. قصة قصيرة بقلم أ. محمد صباح الحواصلي/أيام كندية

 لأن الليل بالغ في عتمته فقد خرجتَ إلى الشرفة لتتفقد القمر والنجوم. راعكَ أن القمر كان غائباً عن ركنه في السماء حيث كنت تلقاه، كلما قصدته، يطل عليك بفيضه الفضي. النجوم، كما هي، منثورة في صمت على صفحة السماء.. متلألئة بيد أنها شحيحة عاجزة عن أن تبدد من غلو العتمة.
    ولكن ما شأنكَ وشأن العتمة؟ بعد قليل ستناديك أمكَ وتطلب منكَ أن تأوي إلى فراشك، ولن تفيق إلا والعتمة قد تبددت وحل محلها نور الصباح. 
    ولكن يا صغيري.. أنا أدري ما في أعماقك من قلق. والتمس لك العذر أن تخشى الليل عندما يبالغ في عتمته. أنا أعلم ما يشغلكَ ويقلقك. 
    أنتَ خائف من أن يكون القمر قد سقط دون رجعة. وقلق أن تبقى السماء عاتمة ولا يطلع الصباح لأنك حينها ستكون وحدك مطوقاً بالخوف في غرفة نومك، وإن غالب النوم أجفانك فهذا يعني أنك ستنام دون أن تفيق لأن الصباح لن يفيق.
    تناديك أمك:
    "إلى فراشك يا صغيري.."
    رباه.. وترفع عينيك إلى ذاك الركن من السماء.
    "إلى الفراش.. لقد أزف وقت النوم."
    كنتَ تتراجع من مكانك وعيناك عالقتان هناك.. في ركن القمر.
 
    ليلتها أطبقتَ جفنيك على خوف جسيم رافقك إلى سراديب الأحلام البغيضة. 
    ولكن هذا كله لم يعادل فرحك الغامر عندما أفقت مع طلوع الشمس ورأيت النور.☆
▪︎"تكوينات".. مجموعة قصصية
 كتبها القاص الأستاذ محمد صباح الحواصلي/ أيام كندية، ونُشرت في ٢٢ أكتوبر ٢٠٢٠

مواضيع ذات صلة