لماذا لا يشعر كثير من الأشخاص بالسعادة أثناء العطلة؟

نسبة الأشخاص الذين يمضون الإجازات وهم يشعرون بالرضا والسعادة والتجدّد أقل من 1%، وفقًا لمسح أجراه أحد مراكز البحوث الاجتماعية بإسبانيا سنة 2017. فهل ينطبق هذا على الجميع؟
وتبيّن صحيفة "أي بي سي" الإسبانية في تقرير لها أن مجرد قضاء الإجازة ليس عاملا كافيا حتى نستمتع بها، وأن كثيرا من الأشخاص لا يعرفون كيفية قضاء عطلة بشكل صحيح. وعملت سونيا سوريت (طبيبة نفسية ومدربة شخصية مختصة في الذكاء العاطفي) على دراسة الأسباب التي تجعل العديد من الناس غير قادرين على الشعور بالسعادة الكاملة أثناء إجازاتهم.
ما الذي يحول دون السعادة؟
ونقل عن سوريت قولها إن "العقل هو العائق الأول الذي يحول دون أن نشعر بالسعادة خلال الإجازة، وتكمن المشكلة -على وجه التحديد- في المعتقدات التي تؤثر على سعادتنا".
وتعتقد سوريت أن هذه المعتقدات ليست سوى أفكار مسبقة حول جوانب الحياة والآخرين وحتى أنفسنا، ومن الوارد أن تكون هذه الأفكار عقلانية في بعض الأحيان وخاطئة في أحيان أخرى.
تجدر الإشارة إلى أن هذا التمييز على وجه التحديد هو ما يجعل العطلة المخطط لها بشكل جيد من قبل أفضل شركة وحتى في أفضل مناطق العالم تصبح كارثية.
وهناك ثلاثة معتقدات قادرة على تعكير صفو أي عطلة صيفيّة مهما كان التخطيط لها جيدا، تعرف عليها:
التخطيط للرحلة أكثر متعة من الرحلة نفسها
من سوء الحظ ألا تسير الأمور وفقا للخطة التي قمنا برسمها للعطلة. هذا الاعتقاد يعد كلاسيكيا في طريقة تمضية العطل؛ وبناء عليه، ينبغي أن يكون التخطيط المسبق مجرد وسيلة للإرشاد والإلهام من أجل الاستفادة القصوى بأوقات الفراغ.
في المقابل، لا يجب أن يصبح ذلك بمثابة دليل صارم لا يمكن تغييره، ويكمن حل هذه المسألة في التعود على التكيف مع الظروف والبحث عن الجانب الإيجابي في كل الأحداث غير المخطط لها مسبقا.
وكشفت دراسة أجرتها جامعة سري البريطانية عن أن الأشخاص يشعرون بالسعادة حين يخططون للعطلة مقارنة بالوقت الذين يُمضونه في الإجازة، وقد يشعر هؤلاء الأشخاص بغبطة أكبر حين ينتظرون الحصول على إجازة جيدة، الأمر الذي أكدته دراسة أخرى أجراها عالم النفس توماس جيلوفيتش الأستاذ بجامعة كورنيل الأميركية.
عالمة النفس سونيا سوريت أكدت أن شعور الوهم الذي يغمرنا ساعة اختيار وجهة معينة، ولحظات إعداد الحقيبة، وشراء تذاكر السفر، وتحديد الأماكن التي سنزورها؛ يمكن أن تكون أكثر متعة من الرحلة نفسها، وهنا نتحدث -تحديدا- عن الشخص الملتزم بالخطة التي رسمها وغير مستعد لعيش مغامرة المفاجآت في الإجازة.
عدم نسيان المشاغل اليومية
الاستمرار في الشعور بالقلق إزاء المشاكل اليومية العالقة. وتفيد سوريت بأن "الذهاب للإجازة يعني نسيان العمل والمشاغل اليومية، خاصة أن العقل يسافر بدوره مع الجسم. لذلك، ينبغي أن نأخذ إجازة للابتعاد عن المشاكل، ثم ننشغل بها عند عودتها ونحن نشعر بالتجدّد والاسترخاء".
وأفادت دراسة قامت بها شركة الأبحاث نورثستار ريسيرش بارتنرز بأن 26% فقط من المسافرين الذين شملهم الاستطلاع يشعرون بالراحة والاسترخاء أثناء قضاء العطلة. ويمكن أن نستطيع التغلب على العادة السيئة المتمثلة في التمسك بالمشاكل حين نتعود على الابتعاد عنها تماما بضعة أيام، ونتعلم كيف نعيش ونستمتع بالوقت الحاضر.
الاعتقاد بأن السعادة تأتي من الخارج
الاعتقاد بأن السعادة شعور يأتي من الخارج وليس من داخل الإنسان يوقع كثيرا من الناس في فخ الاعتقاد بأن السعادة تعتمد على الظروف وعلى الآخرين المحيطين بهم.
وطريقة التفكير هذه تجعل سعادة الإنسان رهينة وجهة السفر ومزاج العائلة والأصدقاء وحوادث الطريق، فضلا عن الأحداث غير المتوقعة التي يمكن أن تطرأ في اللحظات الأخيرة والتأخيرات وظروف غرف الفندق والطقس سواء كان جيّدا أو سيئا، وسواء كان المطر ينهمر أو الحرارة مرتفعة للغاية، وكل الأشياء التي لم يخطط لوقوعها مسبقا".
والطريقة المثلى التي تجنبنا الوقوع في مثل هذا الفخ تعتمد أساسا على أن نشعر بأننا مسؤولون عن سعادتنا الخاصة، وأن ندع الآخرين يسعدون بالطريقة التي تناسبهم، حتى وإن لم يلتزموا ببنود خطة الإجازة. ومن الوارد أن يكون التجديد والخروج عن الأحداث التي خططنا لها مسبقا هو الخيار الأنسب حتى نعود من الإجازة راضين وسعداء، علما بأن هذا النوع من الأشخاص يمثلون 0.6% من السكان.
السعادة قرار شخصي
التحرر من المعتقدات الثلاثة التي قمنا بتفسيرها من شأنه أن يجعل العقل يستغني عن التوقعات حول كيفية قضاء العطلات، والانفتاح على إمكانيات جديدة.
وفي هذا الشأن، بيّن دانييل جيلبرت -أستاذ علم النفس بجامعة هارفارد في الولايات المتحدة- أن السعادة الثابتة من دون الصعود والهبوط تعد خيالا لم يتحقق أبدًا تقريبًا.
من جهتها، أشارت الطبيبة النفسية سوريت إلى أن "السعادة قرار شخصي نشعر بها يوما بعد يوم، ويمكن أن تغير حياة أي إنسان، خاصة في الإجازة، مهما يحدث فيها من مفاجآت".
 
المصدر : الصحافة الإسبانية
 

مواضيع ذات صلة